فصل: كِتَابُ الشَّهَادَاتِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



(قَوْلُهُ: وَرَجَّحَ أَبُو حَامِدٍ بِالْيَدِ) أَيْ فَيَحْلِفُ ذُو الْيَدِ رَوْضٌ وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: إنْ وُجِدَتْ) أَيْ إنْ اخْتَصَّ أَحَدُهُمَا بِالْيَدِ فِيمَا تَنَازَعَا فِيهِ. اهـ. أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَمَعَ ذَلِكَ) أَيْ: الِاعْتِرَافِ.
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُ مَنْ ادَّعَى تَعَدِّي صَاحِبَهُ إلَخْ) أَيْ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ذُو الْيَدِ كَمَا مَرَّ عَنْ الرَّوْضِ وَالْمُغْنِي آنِفًا.
(وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمَقْسُومِ شَائِعًا) كَالرُّبُعِ (بَطَلَتْ فِيهِ وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَفْرِيقِ الصِّفَةِ) وَالْأَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّهُ يَصِحُّ، وَيَتَخَيَّرُ كُلٌّ مِنْهُمْ وَقِيلَ: يَبْطُلُ فِي الْكُلِّ وَأَطَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ (أَوْ) اُسْتُحِقَّ (مِنْ النَّصِيبَيْنِ) شَيْءٌ (مُعَيَّنٌ) فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا (سَوَاءٌ بَقِيَتْ) الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي إذْ لَا تَرَاجُعَ بَيْنَ الشَّرِيكَيْنِ (وَإِلَّا) يَكُنْ سَوَاءٌ بِأَنْ اخْتَصَّ بِأَحَدِ النَّصِيبَيْنِ أَوْ عَمَّهُمَا لَكِنَّهُ فِي أَحَدِهِمَا أَكْثَرُ (بَطَلَتْ)؛ لِأَنَّ مَا يَبْقَى لِكُلٍّ لَيْسَ قَدْرَ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ وَلَوْ بَانَ فَسَادُ الْقِسْمَةِ وَقَدْ أَنْفَقَ أَوْ زَرَعَ أَوْ بَنَى مَثَلًا أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا جَرَى هُنَا مَا مَرَّ فِيمَا إذَا بَانَ فَسَادُ الْبَيْعِ وَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ كُلَّ شَرِيكٍ هُنَا مِنْ أَرْشِ نَحْوِ الْقَلْعِ إلَّا قَدْرُ حِصَّتِهِ؛ لِأَنَّ التَّغْرِيرَ مِنْ جِهَتِهِ إنَّمَا هُوَ فِيهِ لَا غَيْرُ (تَنْبِيهٌ).
قَدْ يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمَتْنِ أَنَّ الْقُرْعَةَ شَرْطٌ لِصِحَّةِ الْقِسْمَةِ وَلَيْسَ مُرَادًا كَمَا يُفْهِمُهُ قَوْلُهُ السَّابِقُ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ فَتُعَدَّلُ السِّهَامُ إلَى آخِرِهِ فَلَمْ يُجْعَلْ التَّعْدِيلُ إلَّا عِنْدَ الْإِجْبَارِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ لَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ الْمُشْتَرَكِ جَازَ وَلَوْ بِلَا قُرْعَةٍ كَمَا فِي الشَّامِلِ وَالْبَيَانِ وَغَيْرِهِمَا فَلَوْ قَسَمَ بَعْضُهُمْ فِي غَيْبَةِ الْبَاقِينَ وَأَخَذَ قِسْطَهُ فَلَمَّا عَلِمُوا قَرَّرُوهُ صَحَّتْ لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ قَالَهُ ابْنُ كَبَّنَ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُ الْمَتْنِ بَطَلَتْ فِيهِ) أَيْ الْقِسْمَةُ فِي الْبَعْضِ الْمُسْتَحَقِّ (تَنْبِيهٌ).
لَوْ تَقَاسَمَا دَارًا وَبَابُهَا فِي قِسْمِ أَحَدِهِمَا، وَالْآخَرُ يَسْتَطْرِقُ إلَى نَصِيبِهِ مِنْ بَابٍ يَفْتَحُهُ إلَى شَارِعٍ فَمَنَعَهُ السُّلْطَانُ لَمْ تَنْفَسِخْ الْقِسْمَةُ كَمَا قَالَهُ الْأُسْتَاذُ خِلَافًا لِابْنِ الصَّلَاحِ وَلَا يُقَاسِمُ الْوَلِيُّ مَحْجُورَهُ بِنَفْسِهِ وَلَوْ قُلْنَا الْقِسْمَةُ إفْرَازٌ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ بَيْنَ الصَّبِيِّ وَوَلِيِّهِ حِنْطَةٌ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَالْأَظْهَرُ) أَيْ: قَوْلُهُ: وَلَوْ بَانَ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَصِحُّ إلَخْ) وَقَوْلُهُ يَبْطُلُ الْأَوْلَى فِيهِمَا التَّأْنِيثُ.
(قَوْلُهُ: وَأَطَالَ الْإِسْنَوِيُّ إلَخْ) وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا) هَذَا حِلُّ مَعْنَى وَإِلَّا فَسَوَاءٌ حَالَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ بَطَلَتْ) أَيْ تِلْكَ الْقِسْمَةُ (تَنْبِيهٌ).
أَرَادَ بِبُطْلَانِهَا الْبُطْلَانَ ظَاهِرًا وَإِلَّا فَبِالِاسْتِحْقَاقِ بَانَ أَنْ لَا قِسْمَةَ وَاسْتَثْنَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ مَا لَوْ وَقَعَ فِي الْغَنِيمَةِ عَيْنٌ لِمُسْلِمٍ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَيْهَا وَلَمْ يَظْهَرْ أَمْرُهَا إلَّا بَعْدَ الْقِسْمَةِ فَتُرَدُّ لِصَاحِبِهَا وَيُعَوَّضُ مَنْ وَقَعَتْ فِي نَصِيبِهِ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ وَلَا تُنْقَضُ الْقِسْمَةُ، ثُمَّ قَالَ هَذَا إنْ كَثُرَ الْجُنْدُ فَإِنْ كَانُوا قَلِيلًا كَعَشَرَةٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تُنْقَضَ إذْ لَا عُسْرَ فِي إعَادَتِهَا. اهـ. مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: جَرَى هُنَا مَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ فَيُكَلَّفُ الْقَلْعَ مَجَّانًا وَلَا يَرْجِعُ بِمَا أَنْفَقَهُ قَالَهُ ع ش فَلْيُرَاجَعْ فَإِنَّهُ خِلَافُ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي آنِفًا.
(قَوْلُهُ: نَحْوِ الْقَلْعِ) أَيْ كَالْقَطْعِ. اهـ. نِهَايَةٌ.
(قَوْلُهُ: كَمَا يُفْهِمُهُ) أَيْ: عَدَمُ الْإِرَادَةِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ مِنْ حِينِ التَّقْرِيرِ) أَيْ فَلَوْ وَقَعَ مِنْهُ تَصَرُّفٌ فِيمَا خَصَّهُ قَبْلَ التَّقْرِيرِ كَانَ بَاطِلًا. اهـ. ع ش.

.فَرْعٌ:

طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ مِنْ الْحَاكِمِ قِسْمَةَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لَمْ يُجِبْهُمْ حَتَّى يُثْبِتُوا مِلْكَهُمْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ مُنَازِعٌ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي قَضِيَّةٍ طُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهَا حُكْمٌ وَهُوَ لَا يَكُونُ بِقَوْلِ ذِي الْحَقِّ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ وَهِيَ هُنَا غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٌ مَعَ عَدَمِ سَبْقِ دَعْوَى لِلْحَاجَةِ؛ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مَنْعُهُمْ مِنْ الِاحْتِجَاجِ بَعْدُ بِتَصَرُّفِ الْحَاكِمِ وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِمُوجِبِ بَيْعٍ أَقَرَّا بِهِ أَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً بِمُجَرَّدِ صُدُورِهِ مِنْهُمَا. اهـ.
وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ إنْ كَانَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا مَرَّ.
الشَّرْحُ:
(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَتَّضِحُ إنْ كَانَ الْحُكْمُ بِالْمُوجِبِ يَسْتَلْزِمُ الْحُكْمَ بِالصِّحَّةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَالْأَوْجَهُ خِلَافُ مَا قَالَهُ أَيْ: الْبُلْقِينِيُّ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّهُ إنْ ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ: طَلَبَ الشُّرَكَاءُ) إلَى قَوْلِهِ وَسُمِعَتْ الْبَيِّنَةُ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: لَمْ يُجِبْهُمْ) أَيْ لَمْ تَجِبْ إجَابَتُهُمْ كَذَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الشَّوْبَرِيِّ وَفِي هَذَا التَّفْسِيرِ تَوَقُّفٌ بَلْ التَّعْلِيلُ الْآتِي وَكَذَا كَلَامُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ صَرِيحٌ فِي عَدَمِ جَوَازِ الْإِجَابَةِ عِبَارَتُهُمَا وَلَيْسَ لِلْقَاضِي أَنْ يُجِيبَ جَمَاعَةً إلَى قِسْمَةِ شَيْءٍ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ حَتَّى يُقِيمُوا بَيِّنَةً بِمِلْكِهِمْ سَوَاءٌ اتَّفَقُوا عَلَى طَلَبِ الْقِسْمَةِ أَوْ تَنَازَعُوا فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي أَيْدِيهِمْ بِإِجَارَةٍ أَوْ إعَارَةٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَإِذَا قَسَمَهُ بَيْنَهُمْ فَقَدْ يَدَّعُونَ الْمِلْكَ مُحْتَجِّينَ بِقِسْمَةِ الْقَاضِي. اهـ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى يُثْبِتُوا مِلْكَهُمْ) خَرَجَ بِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ إثْبَاتُ الْيَدِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ لَمْ يَسْتَفِدْ بِهِ شَيْئًا غَيْرَ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِثْبَاتُ الِابْتِيَاعِ أَوْ نَحْوِهِ؛ لِأَنَّ يَدَ الْبَائِعِ أَوْ نَحْوِهِ كَيَدِهِمْ. اهـ. أَسْنَى.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ الْحُكْمُ.
(قَوْلُهُ: ذِي الْحَقِّ) أَيْ الْيَدِ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ شَاهِدٍ وَيَمِينٍ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَخِلَافًا لِلْمُغْنِي وَالْأَسْنَى عِبَارَتُهُمَا وَيُقْبَلُ فِي إثْبَاتِ الْمِلْكِ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ وَكَذَا شَاهِدٌ وَيَمِينٌ كَمَا جَزَمَ بِهِ الدَّارِمِيُّ وَاقْتَضَاهُ كَلَامُ غَيْرِهِ وَصَوَّبَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَإِنْ خَالَفَ فِيهِ ابْنُ الْمُقْرِي (خَاتِمَةٌ).
لِمَنْ اطَّلَعَ مِنْهُمَا عَلَى عَيْبٍ فِي نَصِيبِهِ أَنْ يَفْسَخَ الْقِسْمَةَ كَالْبَيْعِ وَلَا تَصِحُّ قِسْمَةُ الدُّيُونِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الذِّمَمِ؛ لِأَنَّهَا إمَّا بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ أَوْ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ وَكِلَاهُمَا مُمْتَنِعٌ، وَإِنَّمَا امْتَنَعَ إفْرَازُ مَا فِي الذِّمَّةِ لِعَدَمِ قَبْضِهِ وَعَلَى هَذَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى أَنْ يَكُونَ مَا فِي ذِمَّةِ زَيْدٍ لِأَحَدِهِمَا وَمَا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو لِلْآخَرِ لَمْ يَخْتَصَّ أَحَدٌ مِنْهُمَا بِمَا قَبَضَهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَأَخَذَ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى وَتَخْرِيجُ الْبُلْقِينِيِّ مِنْ هَذَا إلَخْ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ مَعْنَى الْحُكْمِ بِالْمُوجِبِ أَنَّهُ إذَا ثَبَتَ الْمِلْكُ صَحَّ فَكَأَنَّهُ حَكَمَ بِصِحَّةِ الصِّيغَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ مِنْ قَوْلِهِمْ طَلَبَ الشُّرَكَاءُ قِسْمَةَ مَا بِأَيْدِيهِمْ لَمْ يُجِبْهُمْ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: أَقَرَّا بِهِ أَوْ أَقَامَا بَيِّنَةً إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى بِمُجَرَّدِ اعْتِرَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ بِالْبَيْعِ وَلَا بِمُجَرَّدِ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ عَلَيْهِمَا بِمَا صَدَرَ مِنْهُمَا. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ.

.كِتَابُ الشَّهَادَاتِ:

جَمْعُ شَهَادَةٍ وَهِيَ اصْطِلَاحًا إخْبَارُ الشَّخْصِ بِحَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ بِلَفْظٍ خَاصٍّ وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} {وَأَشْهِدُوا إذَا تَبَايَعْتُمْ} وَهُوَ أَمْرُ نَدْبٍ إرْشَادِيٍّ وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ: «لَيْسَ لَك إلَّا شَاهِدَاك أَوْ يَمِينُهُ» وَخَبَرُ: «أَكْرِمُوا الشُّهُودَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَدْفَعُ بِهِمْ الْحُقُوقَ وَيَسْتَخْرِجُ بِهِمْ الْبَاطِلَ» ضَعِيفٌ بَلْ قَالَ الذَّهَبِيُّ: إنَّهُ مُنْكَرٌ وَأَرْكَانُهَا شَاهِدٌ وَمَشْهُودٌ لَهُ، وَعَلَيْهِ، وَبِهِ، وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ إلَّا الصِّيغَةُ وَهِيَ لَفْظُ أَشْهَدُ لَا غَيْرُ كَمَا يَأْتِي.
الشَّرْحُ:
(كِتَابُ الشَّهَادَاتِ) قُدِّمَتْ عَلَى الدَّعْوَى نَظَرًا لِتَحَمُّلِهَا. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: جَمْعُ شَهَادَةٍ) مَصْدَرُ شَهِدَ مِنْ الشُّهُودِ بِمَعْنَى الْحُضُورِ وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الشَّهَادَةُ خَبَرٌ قَاطِعٌ وَالشَّاهِدُ حَامِلُ الشَّهَادَةِ وَمُؤَدِّيهَا؛ لِأَنَّهُ مُشَاهِدٌ لِمَا غَابَ عَنْ غَيْرِهِ، وَقِيلَ: مَأْخُوذٌ مِنْ الْإِعْلَامِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إلَهَ إلَّا هُوَ} أَيْ أَعْلَمَ وَبَيَّنَ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: بِحَقٍّ عَلَى غَيْرِهِ) تَرَكَهُ غَيْرُهُ وَلَعَلَّهُ لِعَدَمِ الْجَمْعِ بِذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِلَفْظٍ خَاصٍّ) أَيْ عَلَى وَجْهٍ خَاصٍّ بِأَنْ تَكُونَ عِنْدَ قَاضٍ بِشَرْطِهِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ) إلَى قَوْلِهِ وَخَبَرُ لَا تُقْبَلُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: إلَّا الصِّيغَةَ إلَى الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ إلَخْ) وَخَبَرُ: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ الشَّهَادَةِ فَقَالَ لِلسَّائِلِ تَرَى الشَّمْسَ قَالَ نَعَمْ فَقَالَ عَلَى مِثْلِهَا فَاشْهَدْ أَوْ دَعْ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: يَدْفَعُ بِهِمْ الْحُقُوقَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي يُسْتَخْرَجُ بِهِمْ الْحُقُوقُ وَيُدْفَعُ بِهِمْ الظُّلْمُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: ضَعِيفٌ) خَبَرُ قَوْلِهِ وَخَبَرُ أَكْرِمُوا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَأَرْكَانُهَا) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ أَخْبَرَ عَدْلٌ الشَّاهِدُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَلِأَحْمَدَ إلَى وَلَا غَيْرُ ذِي مُرُوءَةٍ وَقَوْلُهُ وَيُؤْخَذُ إلَى وَلَوْ شَهِدَ لَهُ.
(قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ ع ش.
(شَرْطُ الشَّاهِدِ) أَوْصَافٌ تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ (مُسْلِمٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ عَدْلٌ ذُو مُرُوءَةٍ غَيْرُ مُتَّهَمٍ) نَاطِقٌ رَشِيدٌ مُتَيَقِّظٌ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَضْدَادِ هَؤُلَاءِ كَكَافِرٍ وَلَوْ عَلَى مِثْلِهِ؛ لِأَنَّهُ أَخَسُّ الْفُسَّاقِ وَخَبَرُ: «لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَهْلِ دِينٍ عَلَى غَيْرِ دِينِهِمْ إلَّا الْمُسْلِمُونَ فَإِنَّهُمْ عُدُولٌ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَعَلَى غَيْرِهِمْ» ضَعِيفٌ وقَوْله تَعَالَى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} أَيْ: مِنْ غَيْرِ عَشِيرَتِكُمْ أَوْ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} وَلَا مَنْ فِيهِ رِقٌّ لِنَقْصِهِ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَتَأَهَّلْ لِوِلَايَةٍ مُطْلَقًا وَلَا صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ إجْمَاعًا وَلَا فَاسِقٍ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَوْلُهُ: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ} وَهُوَ لَيْسَ بِعَدْلٍ وَلَا مَرْضِيٍّ وَاخْتَارَ جَمْعٌ مِنْهُمْ الْأَذْرَعِيُّ وَالْغَزِّيُّ وَآخَرُونَ قَوْلَ بَعْضِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّهُ إذَا فُقِدَتْ الْعَدَالَةُ وَعَمَّ الْفِسْقُ قَضَى الْحَاكِمُ بِشَهَادَةِ الْأَمْثَلِ فَالْأَمْثَلِ لِلضَّرُورَةِ وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ مَصْلَحَتَهُ يُعَارِضُهَا مَفْسَدَةُ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ وَلِأَحْمَدَ رِوَايَةٌ اخْتَارَهَا بَعْضُ أَئِمَّةِ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ يَكْفِي ظَاهِرُ الْإِسْلَامِ مَا لَمْ يُعْلَمْ فِسْقُهُ وَلَا غَيْرُ ذِي مُرُوءَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَا حَيَاءَ لَهُ وَمَنْ لَا حَيَاءَ لَهُ يَقُولُ مَا شَاءَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ: «إذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْت» وَيَأْتِي تَفْسِيرُ الْمُرُوءَةِ وَلَا مُتَّهَمٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَدْنَى أَنْ لَا تَرْتَابُوا} وَالرِّيبَةُ حَاصِلَةٌ بِالْمُتَّهَمِ وَلَا أَخْرَسَ وَإِنْ فَهِمَ إشَارَتَهُ كُلُّ أَحَدٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْلُو عَنْ احْتِمَالٍ، وَلَا مَحْجُورٍ عَلَيْهِ بِسَفَهٍ لِنَقْصِهِ وَاعْتُرِضَ ذِكْرُهُ بِأَنَّهُ إمَّا نَاقِصُ عَقْلٍ أَوْ فَاسِقٌ فَمَا مَرَّ يُغْنِي عَنْهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ نَقْصَ عَقْلِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى تَسْمِيَتِهِ مَجْنُونًا وَلَا مُغَفَّلَ وَلَا أَصَمَّ فِي مَسْمُوعٍ وَلَا أَعْمَى فِي مُبْصَرٍ كَمَا يَأْتِي وَمِنْ التَّيَقُّظِ ضَبْطُ أَلْفَاظِ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ بِحُرُوفِهَا مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ فِيهَا وَلَا نَقْصٍ وَمِنْ ثَمَّ يَظْهَرُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ بِالْمَعْنَى وَلَا تُقَاسُ بِالرِّوَايَةِ لِضِيقِهَا؛ وَلِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى عَقِيدَةِ الْحَاكِمِ لَا الشَّاهِدِ فَقَدْ يَحْذِفُ أَوْ يُغَيِّرُ مَا لَا يُؤَثِّرُ عِنْدَ نَفْسِهِ وَيُؤَثِّرُ عِنْدَ الْحَاكِمِ نَعَمْ لَا يَبْعُدُ جَوَازُ التَّعْبِيرِ بِأَحَدِ الرَّدِيفَيْنِ عَنْ الْآخَرِ حَيْثُ لَا إيهَامَ كَمَا يُشِيرُ لِذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَوْ قَالَ شَاهِدٌ وَكَّلَهُ، أَوْ قَالَ قَالَ وَكَّلْته وَقَالَ الْآخَرُ: فَوَّضَ إلَيْهِ، أَوْ أَنَابَهُ قُبِلَ، أَوْ قَالَ وَاحِدٌ قَالَ وَكَّلْت وَقَالَ الْآخَرُ: قَالَ فَوَّضْت إلَيْهِ لَمْ يُقْبَلَا؛ لِأَنَّ كُلًّا أَسْنَدَ إلَيْهِ لَفْظًا مُغَايِرًا لِلْآخَرِ، وَكَانَ الْغَرَضُ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى اتِّحَادِ اللَّفْظِ الصَّادِرِ مِنْهُ وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ أَنَّ كُلًّا سَمِعَ مَا ذَكَرَهُ فِي مَرَّةٍ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِي قَوْلِ أَحَدِهِمَا قَالَ الْقَاضِي ثَبَتَ عِنْدِي طَلَاقُ فُلَانَةَ، وَالْآخَرُ قَالَ ثَبَتَ عِنْدِي طَلَاقُ هَذِهِ فَلَا يَكْفِي بِخِلَافِ قَوْلِ وَاحِدٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ طَلَاقُ فُلَانَةَ وَآخَرَ ثَبَتَ عِنْدَهُ طَلَاقُ هَذِهِ وَهِيَ تِلْكَ فَإِنَّهُ يَكْفِي اتِّفَاقًا، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا كَالْغَزِّيِّ قَالَ فِي تَلْفِيقِ الشَّهَادَةِ وَلَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ وَكَّلَهُ فِي كَذَا وَآخَرُ بِإِقْرَارِهِ بِأَنَّهُ أَذِنَ لَهُ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ أَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِ أَوْ فَوَّضَهُ إلَيْهِ انْتَفَتْ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّ النَّقْلَ بِالْمَعْنَى كَالنَّقْلِ بِاللَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا كَذَلِكَ فِي الْعَقْدِ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِأَنَّهُ قَالَ وَكَّلْتُك فِي كَذَا وَآخَرُ بِأَنَّهُ قَالَ سَلَّطْتُك عَلَيْهِ أَوْ فَوَّضْته إلَيْكَ أَوْ شَهِدَ وَاحِدٌ بِاسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ، وَالْآخَرُ بِالْإِبْرَاءِ مِنْهُ فَلَا يُلَفَّقَانِ. اهـ.